السلطان «عاشق الجهاد»

 ضريح صلاح الدين الأيوبى فى دمشق
ضريح صلاح الدين الأيوبى فى دمشق

كانت عائلة السلطان صلاح الدين الأيوبى كردية كريمة الأصل عظيمة الشرف، ولد فى تكريت وهى بلدة قديمة تقع بين بغداد والموصل، يقول عنه الدكتور عبد المقصود باشا أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر الشريف: كان أبوه حاكما لقلعة تكريت، وصادفت ولادة «صلاح الدين الأيوبي» بن «نجم الدين أيوب» هجرة أبيه من تكريت إلى الموصل، ونشأ الطفل فيها نشأة مباركة، فقرأ القرآن وحفظ الحديث الشريف، وتعلم من اللغة ما تعلم تربى وتدرب على الفروسية والسلاح، ونما على حب الجهاد.
كانت مصر قبل قدومه إليها مقر الدولة الفاطمية، ولم يكن للخليفة الفاطمى سوى الدعاء على المنابر، وكانت الأمور كلها بيد الوزراء، وكان وزير الدولة هو صاحب الأمر والنهي، ولما رأى القائد «نور الدين محمود» طمع ملك بيت المقدس «أمورى» الصليبى فى دخول مصر، أرسل جيشا من دمشق لمصر بقيادة «أسد الدين شيركوه»، يساعده ابن أخيه «صلاح الدين»، وقربه الخليفة الفاطمي، ثم لم يلبث «شيركوه» أن عين وزيرا، ولم تستمر له الوزارة سوى شهرين، فاختار الخليفة ابن أخيه «صلاح الدين» وزيرا خلفا له.
حيكت له المؤامرات من أرباب المصالح وأصحاب المطامع ولكنه تغلب عليها وعلى الفتن الخارجية، ولما بدا له ظهور التشيع فى مصر، أسس مدرستين كبيرتين هما المدرسة الناصرية والمدرسة الكاملية حتى يحول الناس إلى مذهب أهل السنة.
كان صلاح الدين مفعما قلبه بحب الجهاد، يعود من غزو إلى غزو ومن معركة إلى معركة، وكانت معركة حطين من معاركه التى كتبت له بأقلام من نور على صفحات من ذهب، وكان من كلامه: «كيف يطيب لى الفرح والطعام ولذة المنام وبيت المقدس بأيدى الصليبيين»، ففتحه فى 27 رجب 583 هجرى، وقام القاضى «محيى الدين» ليخطب أول جمعة بعد قرابة مائة عام، فقال مخاطبا صلاح الدين وجيشه: «فطوبى لكم من جيش، ظهرت على أيديكم المعجزات النبوية، والوقعات البدرية، والعزمات الصديقية، والفتوحات العمرية، والجيوش العثمانية، جددتم للإسلام أيام القادسية، والوقعات اليرموقية، والمنازلات الخيبرية، والهجمات الخالدية، فجزاكم الله عن نبيكم أفضل الجزاء».
مرض صلاح الدين ووافته المنية فى 27 صفر 589 هجرى، وبالرغم من أن روحه فارقت جسده، إلا أن أعماله الخالدة حية يتطلع الناس إلى مثلها فى كل مكان.