«قارئة الفنجان» يعيد الثقة فى دراما الرعب العربى ويفوق التوقعات

مسلسل  قارئة الفنجان
مسلسل قارئة الفنجان

الاختراق الإلكترونى يفتح أبواب الجحيم على أبطال المسلسل 

كتبت - مرفت عمر


مسلسل «قارئة الفنجان» الذي يعرض حالياً على إحدى المنصات الإلكترونية، أعاد للمشاهد الثقة في وجود مبدعين لهذا النمط من الأعمال في مجتمعاتنا العربية، بعد محاولات فاشلة متكررة درامياً وسينمائياً، واستطاع أن يستحوذ على اهتمام متابعه منذ الدقيقة الأولى لعرضه حتى نهاية الحلقة، على الرغم من طول حلقاته والتي تصل إلى 50 دقيقة دون فواصل، وتتر مقتضب لا يتعدى الدقيقة، ومواكبة تامة لمفردات العصر، اللعب على تيمة الرعب في تاريخنا السينمائى والتليفزيونى كان دوماً محفوفة بالمخاطر، ومن غامر وقدمها قوبل بموجات من الضحك والاستهجان من الاستخفاف بوعي المشاهد، خاصة مع تكرار مرادفات ثابتة لعالم الجن والعفاريت، كالقطة السوداء والخيالات، الأظافر الطويلة المطلية بالأسود، النيران والأصوات الأشبه للصدى، ذبح القطط ووضع دمائها على التعويذات، عيون حمراء غائرة، وهو ما لا يمثل رعباً مع تكرار تنفيذه، فكيف استطاع هذا العمل الخروج من أزمة فقدان المصداقية التي وقع فيها سابقوه؟.

اقرأ أيضا| أحداث مُثيرة في ثالث ورابع حلقات «قارئة الفنجان»

قدم مسلسل «قارئة الفنجان» تجربة جديدة وضعت بصمتها وسط الزخم الدرامي، بداية من القصة التى كتبها هانى سرحان، وأعد لها السيناريو والحوار إياد صالح، فكرة معاصرة لتطبيق إلكترونى يثير الفزع والرعب لأبطال الحلقات دون الحاجة لموتيفات جاهزة مقولبة لأعمال مماثلة، فجميعنا يتعامل مع تطبيقات يتم استحداثها يوميا وتؤثر في سلوكياته ونمط حياته، واستهل الكاتب فكرته من تجاربنا مع مواقع التواصل الاجتماعي، ومفاجآتنا اليومية بظهور إعلانات متوافقة عما نبحث عنه، فإذا ما دخلت على تطبيق لسلعة لفتت انتباهك، تجد نفسك أمام سيل من المعروضات المشابهة في تطبيقات أخرى، حتى إننا نتساءل كيف حدث الأمر؟ وهل نحن مراقبون؟ الإجابة عرفها الكثيرون بعد تكرارها ولم تعد مفاجأة كما كانت في المرة الأولى، فبمجرد دخولك على تطبيق معين تجد نفسك مجبراً على الموافقة على شروطه حتى تستكمل جولتك، وبذلك يتم اختراق خصوصيتك بإرادتك وموافقتك أيضاً، من هنا انطلقت فكرة المسلسل بترتيب تجمع لعدد من الأشخاص، ثم طرح فكرة تنزيل تطبيق يقوم بقراءة الفنجان كنوع من التسلية، لتتحول حياتهم إلى كابوس يفقد على أثره بعضاً منهم. 
تألف فريق العمل من عدة دول عربية، إلا أن الإنتاج لبنانى، وتم التصوير ببيروت التي تدور فيها الأحداث، دون توضيح أو التركيز على جنسية أي من الأبطال فى التفاصيل، فقط تستنتج ذلك من الحوار الذى احتفظ لكل منهم بلهجته، في رمزية تؤكد على المعنى الرئيسي المراد إيصاله للمشاهد وهو الاختراق الذى لا وطن له، فالجميع تحت المراقبة شاء أم أبى وبعقد موثق إليكترونياً، ربما تتعامل الأحداث مع فئة لا تعانى من أزمات مالية كالعامة، إلا أن القضية المثارة تطال الجميع، إلا القلة القليلة وربما النادرة التى لا تملك أو ترفض حمل أجهزة الأندرويد ولا زالت تحمل هاتفاً للمكالمات والرسائل فقط. 
تعامل مخرج العمل محمد جمعة باحترافية شديدة مع جميع التفاصيل والعناصر الفنية، بداية من حركة الكاميرا التي قادها مدير التصوير وائل خلف وروعي فيها إبراز ما يحتاج المخرج أن يوصله للمشاهد، كادرات طويلة «لونج شوت»، أغنت المشهد بالتشويق والإثارة، وأخرى قصيرة يتم القطع فيها بالشكل الأمثل، مصحوبة بالإضاءة المناسبة والديكور الأمثل للمهندس شادى بورو، مع ممثلين جميعهم موفقين «إن كاست»، منهم أحمد فهمى ومحمود الليثى وأحمد هلال من مصر، مع نجوم الوطن العربى ورد الخال وباسم مغنية وروان مهدي وأحمد شعيب ويارا قاسم وتاتيانا مرعب وفادي إبراهيم وريان حركة، مباراة مدهشة فى التمثيل والاهتمام بجميع التفاصيل، كما كان عنصر الموسيقى التصويرية، لأمير هداية واحداً من أبرز مقومات نجاح المسلسل. 
العمل يثبت أن الاقتراب من مشاكل المشاهد وأزماته ليس فقط العامل الجاذب لمتابعته، بقدر حبكة النمط الذى يصاغ فيه، فاختيار قضية معاصرة خاضعة للتطور مع الثورة التكنولوجية الآنية، تحتاج مئات الأعمال لتناولها، وتقديم الرعب دون الاستناد إلى مؤثرات مستهلكة يضمن تفاعل الجمهور معها، تخييب التوقعات يعزز مهارة صناع العمل، إلى جانب اختيار مواضع الفلاش باك والتعامل معها بحذر، تعزيز الترقب فى كل حلقة جديدة، وقد نجح العمل فى جميع ماسبق على أمل الاستمرار بنفس قوته لنهاية حلقاته العشر.