«تتولاهم امرأة» مأساة 3 أشقاء مكفوفين بسوهاج| صور

مأساة 3 أشقاء مكفوفين
مأساة 3 أشقاء مكفوفين

 سيد عبد النبي 

«ما عاد في قوس الصبر منزع».. هذا ما ينطق به لسان حال امرأة حملت من الهموم جبالاً وهي في سن الأربعين، فبين عشية وضحاها تحولت الأحلام الوردية لكوابيس نارية، فقد طفق عش الزوجية يخسف رويدًا رويدا، إذ توفى زوجها الذي كان حائط الصد بالنسبة لها في مواجهة صدمات الحياة وأزماتها، تاركًا لها كتلة خرسانية من العقبات بحاجة لرب السماء كي يفك طلاسمها.

ففي أقصى الجنوب بصعيد مصر تقبع أسرة منكوبة، تتخذ من نجع طايع، مركز المراغة، محافظة سوهاج، مقرًا لها، ثلاثية عجيبة، تتولاهم امرأة، فهى بالنسبة لهم العكاز الذى يتوكئون عليه، والأعين التى يُبصرون بها، والسند الذى يقتاتون من عمل يده، وكيف لا وقد كتب عليهم القدر أن يعيشوا بقية حياتهم فاقدى البصر.. نعم صعوبات كبيرة وأزمات عديدة تعيشها هذه الأسرة المعدومة الجال، فالأم ربة منزل لا تملك سوى معاشًا شهريًا يُقدر ب323 جنيهاً فقط، أما المأساة الحقيقية فتتمثل فى أبنائها الثلاثة، الذين يعانون العمى، ويئنون الظلام الدامس منذ الصغر.

اقرأ أيضا

 محافظ سوهاج يؤكد دعمه للقطاع الطبي في ظل تزايد مصابي كورونا

مات الأب وترك ذريته وائل محمد عبد اللطيف 18 عامًا، أكبر أشقائه، ويحصل حاليًا على معاش ضمانى 275 جنيهًا، وكريم 16 عامًا، يدرس فى التعليم المهنى ويحصل أيضًا على نفس المعاش، وأيمن 13 عامًا، بالصف الخامس الابتدائى، ولم يُكتب له الحظ الحصول على معاشٍ.. الابن الأكبر يتناول علاجًا شهريًا لسوء حالته الصحية، كل ما يتمناه ويطلبه، وظيفة عامل أو مؤذن مسجد، بعد حفظه عدداً من أجزاء القرآن الكريم، أو حصوله على ترخيص كشك صغير يُعينه فى الإنفاق على أسرته، ووالدته التى أنهكتها الحياة بمصاعبها.

مأساة هذه الأسرة انه لا يوجد عائل يرعاها سوى تلك المرأة ضعيفة البنيان، إذ تقوم برعايتهم ماديًا ومعنويًا وتعليميًا، لكنها فى الوقت نفسه تشعر بالألم والقسوة من صعوبة الحياة التى تعيشها، خاصةً أنها تذهب باثنين منهم إلى المدرسة وتنتظرهما حتى العودة ولا تجد من يساعدها، فقد كُتب عليها أن يُصاب أبناؤها منذ الصغر بمرض فى المخيخ، عبارة عن سائل تتم إزالته بعد الولادة مما يؤدى إلى فقدان الشبكية والإصابة بالعمى، وهو ما حدث فعليًا وتراه اليوم، مما جعلها تستصرخ مسئولى المحافظة بالنظر إلى حالة أبنائها بالرافة والشفقة.

"بوابة اخبار اليوم" انتقلت إلى نجع طايع بمركز المراغة  محافظة سوهاج، والتقت الأسرة على الطبيعة، حيث أخبرتنا الأم أنصاف فتحى محمد 40 سنة، أن زوجها توفى منذ فترة قريبة،  تاركاً لها أبناء مكفوفين، ولم يترك لهم عونًا للحياة، إذ كان يعمل أرزقيًا باليومية، ويتكسب قوت يومه، ولكن رغم ضالة الدخل، إلا أن الأسرة لا تحتاج شيئاً.. بعد وفاة العائل،  تغير الوضع تمامًا وأصبحت الأسرة تعانى، فالأم بمفردها مع أبنائها دون وجود دخل مادى سوى المعاش، والذى لا يسد نفقات الحياة الصعبة، خاصة مع تناول نجلها الكبير لعلاج بـ300 جنيه شهرياً، إضافة إلى فشل العديد من العمليات التى أُجريت له وأصبح حلمها بأن يرى الحياة مرة أخرى، وهو أمرٌ يعد بعيد المنال من وجهة نظر الطب بالمحافظة.

يقول الأبناء "وائل وكريم وأيمن" إنهم يعانون أشد المعاناة من حياتهم المعيشية الصعبة، خاصة فى عدم وجود الأب، وتكفل والدتهم برعايتهم، إضافة إلى ذهابهم إلى مدارسهم،  وهذا يمثل صعوبة بالغة مما يضطر الأم التى تعولهم إلى انتظارهم حتى عودتهم من التعليم إلى المنزل ليستريح قلبها.

ويكمل الأشقاء المكفوفون حديثهم بأنهم يحتاجون إلى المساعدة المالية شهريًا، وحصولهم أيضًا على معاش معاقين، ثم علاجهم على نفقة الدولة، فهل يستجيب المسئولون لمطالبهم، ويفكون الحصار عن أسرة أكل عليها الظلام وشرب، فأضحت لا ترى النور إلا فى أحلامها فقط؟